أمي أودعك بماذا؟
- الصفحة الرئيسية
- الاشعار
- الرثاء
- أمي أودعك بماذا؟
بالدموع.. التي كانت تزعجك عندما تفيض احتجاجا على طفل ينازعني السلطة، أو غيرة براءة الاطفال التي تزول بزوال السبب.. وتسارعين بمسحها بأنامل لا تعرف الا السجود الله عزوجل والعطاء في سبيل الله..
أم بالذكرى.. ولياليها الجميلة عندما استعيد شريط الماضي واقف على مشارف ثلث قرن بجانبك.. قضيتها طفلا يمسك بشعر أمه، يمارس الشقاء المدلل.. والحنان ينساب في عروقها ليصب في بحيرة «الثدي» كل هذا يتم في سكون وتراخ ينسيك كل شيء ما عدا طفلا يمتص الدرير، الحلو عبر ثدي يمسكه بكلتا يديه يقبله أحيانا ويعضه احيانا أخرى.. وهو يفيض بالحياة حنان الأمومة...
أم بشقائي.. عندما أفضل هذا.. وأرفض ذاك وأتألم في منتصف ليل القرية البعيدة عن الحياة الحضارية، وأتناول نوعا من الطعام وأرفض آخر، واخرج في متعة مع زملائي قصيرة بسعادتي، طويلة بشقائك في الانتظار.. وتقضين الليل ساهرة تنتظرين رجوعي وتستقبلينني بالدموع لأكافئك بما تحمله قواميس المراهقة من عبارات احتجاجية..
أم بمشاق.. الحمل والوضع، والتربية وما يترتب على ذلك من متاعب تكرر مشهدها عشر مرات على مسرح الحياة طوال خمسية وستين عاما مرت كأنها ليلة واحدة.. بل ساعة عمرها دقيقة تمضي ثانية..
أم بالرحيل.. الذي عمره أربع سنوات منها ثلاثة شهور طويلة اطول من ليالي العمر قضيتها بالتردد على مستشفى الرياض المركزي حيث كنت.. كلها الام يخفف منها جهد الرجال المخلصين وعلى راسهم الدكتور محمد المفرح والدكتور عبدالله الحواسي.. وطبيبك المباشر الدكتور مجدي وهب أخصائي الاعصاب.
مرة اخرى أقول.. اودعك بماذا يا أمي؟
إلى رحمة الله الى حيث الابرار الصالحين.. وسيظل التعبير في مثل هذه الحال قاصرا لأن الحدث أكبر من الاحساس.. وانا لله وانا اليه راجعون.. وبعد. في صباح يوم الاثنين كتبت رثاءك حروفا وقلت:
تحت الثرى عني توارا جسدها
والطيف واراها على رمش عيني
أشوفها للموت تومي بيدها
تقول لا تطوي قصار السنيني
ريض .. لكل أمٍ تودع ولدها
أملا النظر من شوفة مودعيني
لا شك حصاد الخلايق حصدها
قدام عيني بين شك ويقيني
قلت اسمعيني واستبان بوعدها
خذها.. ولا مكن نداها يجيني
ودي تجنب نور عيني سعدها
وامهل شفوق مواصل الرحم حيني
خلاه يرعي بالأمومة نكدها
في معترك حب الجنا للجنيني
على الشهاده يممت في لحدها
وعني حجبها سبع لبنات طيني
مجلة اليمامة - العدد ۸۱4 - ۱۱ ذو القعدة 1404هـ