تكرم الأخ الأديب الشاعر راشد محمد بن جعيثن عندما علم بما حدث في معصم يدي وقال هذه الأبيات التي نشرت في صفحه الأدب الشعبي في مجله اليمامة:
قالوا لي إنك منكسـر يا إبراهيم
قلت الكسـر تضفي عليه الجباير
الكسـر كسـر قلوب ناسٍ مظاليم
ظلم الهوى من ميّتات الضماير
إللي هواهم جرنا للمواثيم
ودارت علينا دايرات الدواير!
وهذه الأبيات وإن كانت تخلوا من تطمين الخاطر ومجاملة النفس، إلا أنها أيقظت بعض من ذكريات الماضي، وقد نظمت هذه القصيدة التي تجمع بين ذكرى والألم، ذكرى أيام الشباب التي انطوت، وألم أيام الخريف ومعاناة الشيوخ (سناً)، وقلت هذه القصيدة:
قبل يتعرّض معصمي للتّحاطيم
عانيت من غمط العيون الجواير
توقدت بي عابثات ومناهيم
وانا بعد ما دري سهام النظاير
ولا كفى التّلويح لي بالتّواهيم
بل شاركت رسم الدروب العساير
ناداني العازف لحون التّناغيم
واشْعَلْ بوجداني من الوجد "واير"
غنّى وعادت بالشطون الترانيم
ودكّت بضايقة الصدور العباير
وهلّت منانا من ثقوب الملازيم
ولا بقى الّا موجعات الكساير
وتطلْسَمَنْ الواضحات المعاليم
وصارت رموزٍ الذرى والحفاير
والى غدا المعروف عسـر المفاهيم
صناع الدليل من الطريق المغاير
***
يابن جعيثن لو تحطّم إبراهيم
قد طاح بمساوي جسورٍ بحاير
عدا بي العادي وكثْر المخاصيم
وما شلت للبادي حرابٍ طراير
حبّيت يوم الحب عف التّواسيم
مقاصده ماهي بعجلى البواير
اما ارتباطٍ ثابتٍ له مراسيم
والا ابتعادٍ باقيٍ له نضاير
وصدّيت يوم انه غدا بالملاليم
ويسام مثل السّايمات بحضاير
فوارسه تجهل فنون التّعاليم
وأوانسه تدري فتون الغواير!
يوم العبوس اعدى الثغور المباسيم
والضحك ما جدى الحاذقين البصاير
أهل العقول مجانبتها التساويم
أما الخبول فسوقها اليوم داير
وأهل الشفوف النابضة في مراجيم
وأهل الكفوف القابضة في تجاير
يا بن جعيثن يحجمون المعازيم
الله للّي يطلبون البراير!
واللّي يمدون العطايا مغاريم
لو يجهرون فحبهم بالسـراير
ذكيّنا ما شاف يقظى المناويم
وغبيّنا ما صد شوفه ستاير
فلا تعاتب لو تشوف التّجاهيم
تضحك فروق سلومنا والمصاير
يا ما نهلّي عند شوف المقاديم
ولا يرد لنا المولّي ذخاير
فاللّي يودّك لو دروبه معاتيم
يشْـرق عليها من شفوفه شفاير
والحب يلزم له هموم ومقاويم
وان مال ميزان الهموم فخساير
كم في القلوب الواجده من مناديم
وكم بالشفاه الواحده من غداير
وكم ترزم العفرا بولف المجاهيم
وأهل الظعون يبيتون الخباير
كلٍ نوى له نيةٍ بالمواسيم
وكف الفراق لكل شملٍ تشاير
ونّيت يوم انه ذوَنْ البراعيم
وجف الجنى فِالمزهرات الثماير
أشواقنا غصاتنا بالحلاقيم
من حول الترياق فيها مراير
يا صبح يوم العيد وين المغانيم
وإلا من الذّكرى تخاف الذكاير؟
يا عيد بدد حالكات الدّلاهيم
واسفر علينا مشـرقات النّواير
يا عيد وين أهل القلوب المراويم؟
لا الصّوت مسموعٍ ولا الزّول زاير
من قاطعٍ ما واصلاته محاثيم
عنده، وعندي من طيوفه حجاير
كان المنى والواجدات المواهيم
وما عاد من ذيك المواليف داير
راحت تباشير البداية خواتيم
شوف العيون وفزّةٍ مثل طاير
وبقْيَ الهوى يرسم حسان التصاميم
بوَعْي القلوب المبـصرات الضّـراير
وارتعت من لمّات حبٍ مواجيم
تبدّدت مالْتام منها شطاير
حتّى اللماح من الطيوف المحاريم
مثل الشفوف مشطرتها البداير
ما لمّها وجد القلوب المرازيم
ذيك العيون الهامرات العباير
تشكي من الوحدة وهن المزاحيم
فيها شطونٍ من شفيقٍ وباير
ضاع الخيار صدوف والّا مقاسيم
وما عاد ترجع بالوخيذ الشّواير
وما احجمت يوم أقدمت خوف التّناديم
لو طايري ما لا يعوّض بطاير!
ليت الجباير يرفدن المحاطيم
ولا تطيح من النفوس العماير
العمر يهدم ما تعاد التّراميم
لي طاح سقفٍ ما وقى الراس عاير
لنا جدودٍ بالخطايا متاهيم
من زلّة آدم بالبنين الكباير
وعوج النتايج يدركَنْ المهازيم
لو كان ما فيهم جزوعٍ وخاير
أقدارنا تبرا لنا بالمحاسيم
وانّا بيدها عاجزنٍ وفاير
***
مَن لي وقد جذّت حبال المحازيم؟
ولا مصعدٍ أرقاه وهو مْتهَاير
استوحَش الوامن بخوف الملاهيم
وأظْهَر لي الكامن من الضّد جاير
وان رحت أخايلها بروق المغاييم
جا صحوةٍ ما هل فيها مطاير
يا شاعرٍ عوج القوافي مساليم
عنده، إلى حالت حدود الشّتاير
ودّي ببيتٍ ما حكته المزاعيم
يوحيه قبل السمع هجس الحذاير
أقول به ما ذاهباتك مقاديم
وأقول به ما كل من راح باير!
كم راحلٍ له بالفواد المقاييم
أو نازلٍ ودّك ربوعه شغاير
وكم كاسبٍ ولّت حظوظه مصاريم
أو خاسرٍ حاش المنى بالخساير
***
لا باس يا راع العيون المساجيم
بعدك عليك ومنك دربي عثاير
يا ليت تقرالي رموز الطّلاسيم
إن كان فيها من فتونك مناير!
أبصـرت وامالي طوال ومجاسيم
واغمضت وهي القانعة بالسّتاير
وغبطت نوّام الصبا بالاحاليم
من طالت بليل الشيوخ السّهاير
الحب ما له من عدولٍ محاكيم
ومميزات احكامه من الغراير
تروم سمحات وتجيك التّعاسيم
وما عم مراجيم المقدّر مطاير
وغبنٍ مع البلوى تْخاف التّلاويم
قَلْ المطمّن في سلوم العشاير
وان عاد مشـروب الظما من علاقيم
فموت الظّما أروى للنفوس الحراير
***
يا بن جعيثن لو تعافى المكاليم
تبرى الكسور وودّها بالجباير!
شوفات ضيعها المبذّر تلاميم
هيهات يجمعها المقتّر قتاير!
يا صامتٍ يدري ظنون المكاتيم
كم هاديٍ قلبه يلاحق بغاير!
كن شاعراً تجرا عليك المغاشيم
أو عاشقاً لقيا محبّة وداير
رهين حسٍ كم يثار بتلاطيم
ما طمّنوه الواعدين بظفاير
قل للملوم وكل منّا ملاويم
بوح العيون وخاطرات الخطاير
الحب لو هو من صليب أو تماميم
عنده تبارير اختيار وقساير!
***
يا حامل أقداح الرفاه المناعيم
ما هوب مشـروبي طلاً أو سجاير!
مشاربي من نادرات التّجاميم
وما طاب لي ميسورماً من غزاير
وما عاد للقلب المود بتراحيم
كبير حبٍ خاف درب العواير
عَفّتْ مناي الطّيبَات المفاطيم
وما رمت بعد الطيّبات الشّـراير
وحنّيت للغايب بوجد المهاييم
وقابلني الآيب يدوّر خفاير
ورجعت مسلوب الروى والاحاليم
كنّه ينازعني بحبّي ضراير
الروض صوّح بالزهور المشاميم
وما فيني أمحي من دروبه جراير!
وعاد المدوّر للشفوف المعاديم
ما خاف يلحق مطلب الروح ساير
أقولها وظْماي جَفْلى التّحاويم
ولا لها في رايق الما بشاير!
شعر: إبراهيم سعد بن سعيّد
الرياض، 1407 هـ